ينكر الأشاعرة أن يكون للعقل والفطرة أي دور في الحكم على الأشياء بالحسن والقبح، ويقولون: مرد ذلك إلى الشرع وحده، وهذا رد فعل مغال لقول البراهمة والمعتزلة: إن العقل يوجب حسن الحسن وقبح القبيح، وهو مع منافاته للنصوص مكابرة للعقول، ومما يترتب من الأصول الفاسدة على قولهم: أن الشرع قد يأتي بما هو قبيح في العقل، فإلغاء دور العقل بالمرة أسلم من نسبة القبح إلى الشرع!
ومثلوا ذلك بذبح الحيوان فإنه إيلام له بلا ذنب وهو قبيح في العقل ومع ذلك أباحه الشرع، وهذا في الحقيقة هو قول البراهمة الذين يحرمون أكل الحيوان.
فلما عجز هؤلاء عن رد شبهتهم ووافقوهم عليها أنكروا حكم العقل من أصله، وتوهموا أنهم بهذا يدافعون عن الإسلام.
كما أن من أسباب ذلك مناقضة أصل من قال بوجوب الثواب والعقاب على الله بحكم العقل ومقتضاه.